النجم المصري تجاوز كل الحواجز والتوقعات التي تم وضعها له في السنوات الأخيرة، فلماذا لا يحقق الكرة الذهبية وهو الأفضل في العالم؟!

قبل بداية موسم 2017-2018 كان أكثر المتفائلين – وهو أنا بنفسي – يراهن نفسه على أن يكسر محمد صلاح حاجز الـ 15 هدفًا الذين سجلهم مع روما في موسمه الأخير بقميص ليفربول في موسمه الأول.

بعدها بأسابيع قليلة تحول تفكيري إلى حاجز الـ 20 هدفًا ومن بعدها الـ 30 والـ 40 بنهاية الموسم الذي كسر فيه الرقم القياسي لعدد الأهداف في موسم واحد بالدوري الإنجليزي.

وبدلًا من التفكير في إذا كان يستطيع الحصول على جائزة أفضل لاعب في الشهر بالدوري الإنجليزي أو عدد مرات ظهوره في تشكيل الأسبوع المثالي تحول ذلك التفكير إلى جائزة أفضل لاعب في الموسم، ومنها إلى الكرة الذهبية.

اختيارات المحررين

فجأة كبر الطموح وبدلًا من التفكير في دخوله للقائمة النهائية لأفضل لاعبي القارة السمراء بحلول شهر يناير نجح صلاح في الحصول على جائزة الأفضل داخل إفريقيا وبعدها بأربعة أشهر وبفضل مجهوده وأرقامه القياسية حجز جائزة الموسم التالي بفارق هو الأكبر عن أقرب منافسيه.

تلك الكلمات بالتحديد تحدثنا بها في 2018 عندما كان صلاح على موعد مع نهائي دوري أبطال أوروبا ضد ريال مدريد، و سألنا أنفسنا نفس السؤال الذي في العنوان، لماذا لا يحقق محمد صلاح الكرة الذهبية؟!

لماذا لا يحصل محمد صلاح على الكرة الذهبية؟!

في 2018 خسر ليفربول نهائي دوري أبطال أوروبا ضد ريال مدريد وغادر صلاح أرض الملعب مصابًا وكانت مشاركته في كأس العالم مع مصر مهددة.

صلاح خسر الكرة الذهبية في ذلك العام لصالح لوكا مودريتش الذي وصل بمنتخب كرواتيا لنهائي كأس العالم وقاد ريال مدريد للقب دوري أبطال أوروبا الثالث على التوالي.

المكينة الإعلامية العالمية وجهت الأصوات وقتها للنجم الكرواتي بدلًا من رونالدو الذي غادر ريال مدريد وبدلًا من ميسي الذي كان يعاني من أثار ريمونتادا روما المدمرة وبدلًا من صلاح الذي مهما تحدثنا عن قوة الألة الإعلامية التي تقف خلفه سواء في مصر أو الوطن العربي أو إنجلترا، سنجد أنه في النهاية لا يلقى التقدير والدعم الكافي سواء في الداخل أو الخارج.

ليست المرة الأولى

كما أوضحنا من قبل، هذه المرة ليست الأولى بالنسبة لمحمد صلاح الذي يتردد فيها اسمه بجوار اسم الكرة الذهبية، فسبق أن كان قريبًا في 2018.

لكن للظروف السابق ذكرها لم يحصل صلاح على الجائزة الفردية الأقيم في العالم، بالرغم من تتويجه بلقب هداف الدوري الإنجليزي وأفضل لاعب في البطولة وقيادته لمنتخب مصر للعودة لكأس العالم بعد غياب دام 28 عامًا، بهدف في اللحظات الأخيرة.

ظلمته جنسيته؟

في 2018 لم يكن مشوار منتخب مصر في كأس العالم جيدًا بما يكفي ليتم ذكر اسم صلاح في سجلات الكرة الذهبية.

صحيح أن صلاح سجل هدفي الفريق في البطولة إلا أن الفراعنة غادروا المونديال دون أي انتصار، وبسجل مخزي.

ربما لو كان المنتخب المصري قد صعد للدور الإقصائي وواجه البرتغال ونجح بشكل ما في التفوق على رفاق كريستيانو رونالدو لكان الحديث اختلف.

ربما لو كان صلاح كرواتيًا لحقق الجائزة في 2018 بدلًا من لوكا مودريتش، وربما حتى كان قد قاد الفريق للقب تاريخي في كأس العالم.

الأكثر تأثيرًا على الإطلاق

الحديث هنا هو مجرد وجهة نظر شخصية، لكنها في الواقع وجهة نظر الكثير في الأيام الأخيرة بعد الحالة التي خلقها صلاح هذا الموسم.

النجم المصري ربما يكون هو الأكثر تأثيرًا على الإطلاق في الوقت الحالي في العالم على المستوى الفردي، وعلى مستوى قدرته على تغيير مصير المباراة ومنح فريقه نقاطها.

صلاح ضد مانشستر سيتي بطل الدوري الإنجليزي بكافة نجومه نجح منفردًا في تحويل مسار مباراة كانت ليفربول في طريقه لخسارتها دون أدنى شك وجعل فريقه يتقدم في النتيجة مرتين بمستوى فردي مميز في الصناعة والتسجيل، كأنه كان يعزف سيمفونية تطرب من شاهد المواجهة.

الأمر لا يقتصر على مانشستر سيتي فقط، صلاح بشكل عام يجعلنا هذا العام نتذكر مستواه في 2018 عندما أذهل العالم وبدأ الجميع يضعه في مقارنات مع ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو.

أين ميسي ورونالدو؟!

بمناسبة الحديث عن الثنائي الأكثر حصولًا على الكرة الذهبية في التاريخ، أين هما هذا الموسم؟ الأول ترك مملكته ورحل لباريس سان جيرمان ليجد نفسه مجرد فرد في مجموعة، تأثيره الفردي أصبح أقل بشكل واضح، والثاني عاد لفريقه الأسبق بعدما فشل في إيجاد وجهة تحقق له طموحه بالعودة لدوري أبطال أوروبا.

كلامنا ليس تقليلًا من الثنائي الكبير، فميسي بطل كوبا أمريكا، ورونالدو هو الهداف التاريخي لدوري أبطال أوروبا ولا حاجة للحديث عن إنجازاتهما في كرة القدم.

لكن لمجرد أن نوضح أن وضعهما على ساحة كرة القدم العالمية ليس كما كان قبل ثلاث أو أربع سنوات، حتى في ذلك الوقت نجح لوكا مودريتش في خطف الجائزة منهما.

ما الذي يحتاجه محمد صلاح لتحقيق الكرة الذهبية؟ّ

على المستوى الفني والبدني وتأثيره على نتائج فريقه، لا ينقص النجم المصري أي شيء للحصول على الجائزة التي أصبحت المنافسة عليها أكثر صعوبة في العقدين الأخيرين بفضل كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي.

لكن على مستوى التأثير بشكل أوسع على نطاق عالمي، وحالة البروباجندا التي تحيط بميسي ورونالدو والآلة الإعلامية القوية للثنائي فصلاح لا يزال بعيدًا.

بغض النظر كما تحدثنا من قبل عن قوة الآلة الإعلامية المصرية إلا أنها لا تزال نطاقها محليًا أو إقليميًا على أفضل تقدير، وبالرغم من قوة الإعلام الإنجليزي فمحمد صلاح لا يحصل على القدر الذي يستحقه من التقدير، حتى في ناديه حتى الآن لم يتم تجديد عقده بالمبلغ الذي طلبه وهو يستحقه بكل تأكيد كأفضل نجوم الدوري الإنجليزي.

لكن ما هي أهمية الآلة الإعلامية في تتويج محمد صلاح بالكرة الذهبية؟

عزيزي القاريء، الكرة الذهبية بالرغم من كونها جائزة فردية بحتة من المفترض أن تقدر وتحتفل بالأداء الذي قدمه لاعب خلال موسم واحد، إلا أنها حتى الآن تخضع فقط لمعايير مجموعة محددة من الأشخاص.

كل هؤلاء الأشخاص يخضعون بالضرورة إلى تأثير الإعلام والتريندات والبروباجندا من حولهم، وهذا أمر لا ينتقص منهم شيئًا، فهذه طبيعة النفس البشرية، أن تحتمي في الغالبية أفضل من أن تتفرد برأيك وحدك، بمعنى آخر كما يطلق علماء النفس سلوك القطيع.

صلاح كان ليفوز بالكرة الذهبية لو كانت الرسالة الإعلامية توجه إلى ذلك الأمر، حتى لو كان لم يلعب ولو دقيقة واحدة طوال الموسم.

ولو كانت الجائزة بالأداء الفردي فقط وبالأرقام وبالنقاط ربما كان قد حققها في 2018 وربما كان تحقيقها هذا العام أكثر سهولة.

من سيحقق الكرة الذهبية؟ وهل فقد محمد صلاح الأمل فيها؟

بالرغم من البداية السيئة له في الموسم الجديد مع باريس سان جيرمان إلا أن ليونيل ميسي قد حجز الجائزة بالفعل، هذا هو الأمر الواقع.

لحظة أن أطلق الحكم في نهائي كوبا أمريكا صافرته معلنًا فوز الأرجنتيني بالبطولة تم حفر اسم ميسي على الجائزة وترتيب كل شيء ليفوز بها.

بالرغم من الموسم الكارثي في برشلونة، إلا أن العقل الجمعي لمشجعي كرة القدم والأشخاص المؤثرين في الأصوات سلم بذلك الأمر.

وحتى لو لم يلعب ميسي أي مباراة أخرى في الموسم سوى تلك التي فاز فيها بكوبا أمريكا كان ليفوز بالكرة الذهبية، عن مجمل ما قدمه من أداء في سنوات خسر فيها نفس الجائزة لخسارته نهائي أو لعدم تحقيق بطولة قارية.

إحقاقًا للحق!

كل ما قلناه لا يفقد ميسي أو رونالدو أو مودريتش أو أي لاعب الاستحقاق في تحقيق الكرة الذهبية بأي عام من الأعوام، ولا يعني مطلقًا أن أحدهم سرقها.

حتى لو كان إنييستا يستحقها في أحد الأعوام أكثر من ميسي، أو كان ريبيري يستحقها أكثر من رونالدو، لكن ما نقوله هو أن الجائزة لا تخضع فقط للأداء الفني فرديًا كان أو جماعيًا، ولو كانت كذلك لاختلفت قائمة الفائزين بها في العقدين الأخيرين كثيرًا.