العام الهجري الجديد

دروس وعبر من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم

إن من الدروس والعبر من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم لما أذِن الله له بالهجرة، فهاجر من مكة إلى المدينة والتي (كانت تسمى يثرب قديما)  وكان ذلك بعد ثلاث عشرة سنة من بعثته صلى الله عليه وسلم، وبصحبته أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فاستقبله الأنصار ومنعه الله بهم من أذى الكفرة والمشركين وأسس الدولة الإسلامية .

لو وقفنا مع أنفسنا قليلا وقفة تدبر لكلام الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتساءلنا:

كم من عام هجري مر علينا؟
– كيف نستفيد من هذه الذكرى التي تتكرر كل عام ؟
– كيف نستفيد منها في كيفية دعوة العباد من ترك عبادة العباد إلى – عبادة رب العباد وحده لا شريك له ؟
– كيف نستفدنا منه في تعاملنا  مع أهلنا وأبنائنا؟
سنحاول في هذه العجالة التطرق إلى بعض الدروس والعبر المستخلصة من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة منذ 1443 عاما، وعليه جرى عليه التأريخ الهجري الذي تجدونه على الرابط التالي:

https://www.youtube.com/watch?v=6LJnplHcVXA

إن هذه الحادثة العظيمة التي تمد المسلمين بالكثير من الدروس والعبر والعظات والتوجيهات التي يحتاجها في أمور دينه ودنياه، وقد شاء الله تعالى أن تكون بأسباب مألوفة للبشر، فقد تزود فيها النبي صلى الله عليه وسلم للسفر وركب الناقة واستأجر الدليل واتخذ صاحباً وتخفّى وجعل عليّاً في فراشه، ولو شاء الله لحمله على البراق كما ورد إلينا في حادثة الإسراء والمعراج.
ولكن ليكون قدوة لأمته من بعده في اتخاذ الأسباب والأخذ بها مع التوكل على الله . واجتناب التواكل.
ومن دروس الهجرة : الثقة بنصر الله ووعده عند الشدائد وكمال اليقين بمعيّة الله تعالى لعباده المؤمنين يقيناً راسخاً . فحين عظُم الخَطب وأحدَق الخطرُ ببلوغ المشركين بابَ الغارِ الذِي كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه ، قال أبو بكر رضي الله عنه: والله يا رسول الله ، لو أنَّ أحدَهم نظر إلى موضع قدمَيه لرآنا، فقال رسول الله : ” يَا أبَا بَكر، مَا ظنُّكَ باثنَين اللهُ ثالثُهما”. فأنزَلَ سبحانه مصداقَ ذلك في كتابه : { إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا في ٱلْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفْلَىٰ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هي ٱلْعُلْيَا وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } . ولمعرفة القصة كاملة والاستفادة منها نترك لكم هذا الرابط:

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%BA%D8%A7%D8%B1_%D8%AB%D9%88%D8%B1
ومن دروس الهجرة : حفظ الله لرسوله ونصرته لدينه وإعلاء كلمته مع محاولة الكفار قتله والقضاء على دينه . وما يحدث هذه الأيام من محاولات جبارة ماكرة للقضاء على هذا الدين .فقد تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظ دينه وإعلاء كلمته : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ } .
ومن دروس الهجرة : أن رابطة الأخوة هي الرابطة بين المؤمنين، حيث تتضاءل أمامها الانتماءات القومية والقبلية والعلاقات الحزبية، فعندما قدم النبي المدينة آخى بين المهاجرين والأنصار، وقضى على العداوة التي كانت مستحكمة بين الأوس والخزرج وذابت بينهم العداوات وتلاشت العصبيات والأعراق . ولكن للأسف أحييناها من جديد لأسباب دنيوية .
ومن خلال دراسة أسباب الهجرة وكيف تعامل معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم نجد أن الأصل في المسلم أن يدعو قومه لعبادة الله وأن يدعوا لهم بالهداية كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم .
روى الإمام ……..عنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ ، قَالَ : لَمَّا كُسِرَتْ رُبَاعِيَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَشُجَّ فِي جَبْهَتِهِ ، فَجَعَلَتِ الدِّمَاءُ تَسِيلُ عَلَى وَجْهِهِ ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ، لَمْ يَبْعَثْنِي طَعَّانًا وَلا لَعَّانًا ، وَلَكِنْ بَعَثَنِي دَاعِيَةَ وَرَحْمَةً ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ ”
وجاء الطُّفَيلُ بنُ عمرٍو إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: «إن دَوسًا قد هلَكَتْ، عصَتْ وأبَتْ، فادعُ اللهَ عليهِم فقال: اللهم اهد دَوسًا، وآتِ بهم» (البخاري)
: ومن أنواع الهجرة هجر المعاصي من الكفر والشرك والنفاق وسائر الأعمال السيئة والخصال الذميمة والأخلاق الوخيمة، قال تعالى مخاطبا لرسول الله صلى الله عليه وسله: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر:5]، قال أهل العلم:
الرجز: الأصنام. وهجرتها: هو تركها والبراءة منها ومن أهلها.
وروى الإمام مسلم وغيره عن معقل بن يسار- رضي الله عنه- بلفظ: العبادة في الهرج كهجرة إلي.
قال النووي في شرح مسلم: المراد بالهرج هنا الفتنة واختلاط أمور الناس، وسبب كثرة فضل العبادة فيه أن الناس يغفلون عنها ويشتغلون عنها، ولا يتفرغ لها إلا أفراد.
وللأسف أصبحنا الحدث عن الهجرة النبوية الشريفة مجرد ذكرى نحييها كل عام.